كلمة عامة عن القرآن الكريم
نتحدث عن خاتم الكتب السماوية الذي حفظه الله تعالى من كل تعديل وتبديل وبقي بقدسيته كما نزل على النبي العربي العالمي الأمي مصداقاً لقوله تعالى:
إنا نحن نزلنا الذِّكر وإنّا صدق الله العظيم(15 الحجر:9).لـه لحافظون
القرآن الكريم هو كتاب الله المنزل على النبي العربي عليه الصلاة والسلام ومعجزته الكبرى ويعد المصدر الأول ودستور التشريع الإسلامي: (انظر فلسفة حسان الكاتب- العالمية ودستورها "القرآن الكريم"، وملاحقها في مخطوطات مكتبة الأسد ومخطوطات مركز الوثائق التاريخية بدمشق- المذكورة خلال الحديث عن صاحب "أيام حسان الكاتب" المجلد 401-500 ابن القاضي). في مخطوطات مركز الوثائق التاريخية بدمشق وفي الصفحات
(7-49) من المجلد (501-1999) من "أيام حسان الكاتب" المحفوظ في مركز الوثائق التاريخية بدمشق.
ويقال القرآن الكريم، والفرقان، والكتاب الكريم أو الذكر الحكيم، أو المصحف الشريف.
نزل القرآن الكريم منجّماً على أقسام ومراحل بحسب مناسبات حياة الرسول الكريم والمسلمين بشيراً ونذيراً ومشرّعاً للمسلمين ولكافة البشر في العالم على مرّ الدهور والعصور مصداقاً لقوله تعالى: {وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً} (34 سبأ: 28)، لذلك فإنه يتوجب على جميع سكان العالم تعلّم اللغة العربية ليحفظوا القرآن الكريم ويعملوا بتعاليمه لأنه نزل لهم جميعاً وكذلك الإسلام نزل للناس كافة (انظر فلسفتنا الآنفة الذكر).
نزل القرآن الكريم آيات قصيرة وهي الصفة التي نزلت بها الآيات المكية أو طويلة وهي الآيات التي نزلت في المدينة المنورة كما سنقسّمها في الجدول الذي سيأتي بعد الحديث عن القرآن الكريم.
بدأ نزول القرآن الكريم في السابع عشر من شهر رمضان المبارك عام
(610)م أي في السنة (41) من عمر الرسول عليه الصلاة والسلام في غار حراء، وكان أوّل ما أوحي به قوله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق(1) خلق الإنسان من علق(2) اقرأ وربك الأكرم(3) الذي علّم بالقلم(4) علّم الإنسان ما لم يعلم(5)} (96 العلق: 1-5).
ويعد هذا السفر الشريف وسفري (الله جلّ جلاله) من ملاحق الفلسفة (فلسفة حسان الكاتب) المحفوظة في مخطوطات مكتبة الأسد بدمشق ومركز الوثائق التاريخية بدمشق المذكورة آنفاً وسيتبعه ملاحق أخرى.
استمرّ نزول القرآن الكريم إلى التاسع من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة وعمر الرسول عليه الصلاة اليوم أكملت لكم دينكموالسلام 63 سنة هجرية، وكان آخر ما أوحي به قوله تعالى: صدق الله العظيم
(5 المائدة:3).
وهي من ضمن آية تحريم الميتة في قوله تعالى:
حرّمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السَّبُعُ إلا ما ذكيتم وما ذُبح على النصبِ وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسقٌ اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشونِ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً صدق الله العظيم (5فمن اضطرّ في مخمصة غير متجانفٍ لإثمٍ فإن الله غفورٌ رحيم(3) المائدة: 3).
وهكذا فقد دام نزول القرآن الكريم.. (22 سنة وثلاثة أشهر).
يقسم القرآن الكريم إلى سور طويلة وآيات طوال وإلى سور قصيرة وآيات قصار وأغلب القرآن الكريم نزل في مكة وضواحيها (85) سورة في مكة و(29) سورة نزلت في المدينة المنورة واتصفت الآيات المكية بالقصر والترغيب بالجنة والترهيب من النار والآيات المدنية بالتشريع.
ولقد نزل القرآن الكريم وفق المناسبات والحوادث والضرورة كي يسهل تطبيقه كدستور وفهم وحفظ، كما ذكرنا آنفاً.
ونزل القرآن الكريم آية.. آية وآيتين آيتين وأحياناً أكثر من ذلك، وأطول الآيات الكريمات كانت (128) كلمة وهي الآية (282) من سورة البقرة في توثيق وكتابة الديون والشهادة عليها. وأقصر الآيات الكريمات من كلمة واحدة ونذكر مثال على ذلك آية {والضحى} وغيرها آيات كثيرات بهذا الشكل.
وقد رتبت الآيات بتوقيف من النبي عليه الصلاة والسلام بحيث سنجد أن نزول سور القرآن الكريم ليس كما هو مدون في المصاحف المتداولة وسنذكر ترتيب السور بحسب النزول في آخر هذا الحديث.
يضم القرآن الكريم: (114) سورة أو (30) جزءاً أولها سورة البقرة وهي (286) آية وأقصرها سورة الكوثر وهي (3) آيات، ورتبت السّور كالآيات بتوقيف من النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً كما سنبين بعد قليل.
وكان للقرآن الكريم كتّاب يسجّلونه من أمثال زيد بن ثابت. وأبي بن كعب، وكانوا يكتبون ما يملى عليهم من الرسول الكريم الذي تلقى كلام الله بواسطة جبريل عليه السلام (انظر كتابنا الشريف: الله جل جلاله وكتابنا الشريف الإسلام وكتابنا النبي العالمي في القرآن الكريم في مخطوطات مكتبة الأسد بدمشق وموسوعتنا الموجزة حرف القاف (قرآن كريم).
وكانوا ينسخون من القرآن الكريم صوراً يحفظونها ويعطون واحدة منها للنبي عليه الصلاة والسلام حيث كانوا يسجلونه كعادة العرب على الجلود والأخشاب والأحجار والعظام وجريد النخل والنسيج وكل واحدة منها تسمى صحيفة. وقد بقي القرآن الكريم في خلال حياة الرسول الكريم محفوظاً على هذا الشكل وفي صدور عدد غير قليل من الحفاظ. وبعد وقعة اليمامة التي قتل فيها كثير من حفظة القرآن الكريم، أمر الخليفة الصديق بناء على اقتراح الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما زيد بن ثابت أن يجمع القرآن الكريم كتابة، حيث كان أحد كتاب الوحي الشريف البارزين ومن أوثق الحفاظ. وبقيت هذه الصحف مرتبة تحت رعاية الخليفة الصدّيق ومن ثم الخليفة الخطاب ثم أودعت بيت حفصة بنت عمر بعد وفاة أبيها، ولما اتسعت الفتوحات الإسلامية وتفرق المسلمون في أنحاء العالم الإسلامي وأخذوا يقرأون القرآن بقراءات مختلفة أمر الخليفة عثمان بن عفان بجمع القرآن الكريم بعد أن استشار الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم في جمع المصحف في مصحف واحد تنسخ منه النسخ وترسل إلى الأمصار الإسلامية وقد تم ذلك وتم تكليف فئة من الحفاظ، وعلى رأسهم زيد بن ثابت وكان المصحف
المعتمد لهذه الغاية المصحف المودع لدى حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنهما. واستنسخوا منها عدة نسخ وبعثوا بها إلى كل قطر بمصحف سمي باسم قطره، فقيل المصحف البصري والمصحف الكوفي والمصحف الشامي والمصحف المكي والمصحف المدني وسمي المصحف الذي احتفظ به الخليفة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه (المصحف الإمام) (انظر سفرنا الشريف الله جل جلاله وحرف القاف من موسوعتنا الموجزة).
ويعد القرآن الكريم أول صورة من صور التشريع الإسلامي هو دستور المسلمين على مرّ العصور في العالم أجمع (انظر دستور العالمية في فلسفة حسان الكاتب- العالمية).
وفي عهد الخليفة المأمون العباسي ثار خلاف طويل حول أن القرآن الكريم قديم أو حادث، وكان ذلك خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة، وسمي ذلك بمحنة القرآن الكريم، ونشأت دراسات مختلفة تنصب عليه، أو تتصل به كالتفسير وعلم القراءات وعلوم البلاغة.
وحيث أن الإسلام انتشر على بقاع من الأرض غير عربية حاول هؤلاء المسلمونن نقله إلى لغاتهم غير العربية وبالرغم من الصعوبات التي نشأت عن ذلك فقد نقل القرآن الكريم إلى اللاتينية في أوربا خلال (1141-1143) بطلب من راهب دير كلوتي بفرنسا الذي كان يعرف (بطرس المبجّل). وكانت مركزاً هاماً للثقافة الغربية، وقام بتحقيق هذه الترجمة (روبرت الروتيني) الانكليزي و(هرمان الدلماشي الألماني) و(راهب إسباني عربي) حيث لم تنشر هذه الترجمة إلا بعد أربعة قرون، نشرها (تيودور بلياندر) في بال، ثم ترجم القرآن الكريم إلى اللغات الإيطالية والألمانية والهولندية حيث ترجمه إلى الألمانية (شفيجر النورمبرغي) عام (1616) وترجمه إلى الفرنسية (سنيور دوريز) في باريس عام (1647) وقد انتفع بهذه الترجمة الكسندروس أحد قساوسة كاريسبروك، حينما نقلها إلى الانكليزية في لندن عام 1649 ويوجد نص لاتيني آخر للأب (مارتشي البادوي عام 1698، وقد أفادت هذه الترجمة (ج.سيل الانكليزي، وطبع نص هذه الترجمة مراراً. وصدرت الترجمة الروسية عام (1776) م بسنت بطرسبرغ في ليننغراد، والفرنسية في سافاري عام 1776 عام 1783 والألمانية بوين 1773 ثم حققها وأعادها (ج.فاهل عام
(1828).
كما حققها وأعادها آل أوهلمان (1840-1853) وكانت أجود الترجمات الألمانية ترجمة فلوجل عام 1841 وتمتاز ترجمة (ج.م رودويل) الانكليزية عام (1861) بأن سورها مرتبة بحسب تاريخ نزولها وصدرت ترجمة (ف.هـ بالمر عام 1880).
و(انظر كتابنا الشريف: الله جل جلاله وموسوعتنا الموجزة حرف القاف المحفوظة في مكتبة الأسد بدمشق- بحث القرآن الكريم).
وهناك ما لا يقل عن أربعين ترجمة مختلفة للقرآن الكريم ولأكثرها شروح وتعليقات، وقد صدرت في السنوات الأخيرة ترجمة إيطالية لبونللي في ميلانو عام (1929)م. وثالثة باللغة الانكليزية (مولاي شير علي في باكستان عام 1955 وأخرى باللغة الانكليزية لـ(ن.داود بلتيمور) طبعة بنغوين عام 1956 وتوجد ترجمة بلغة (الاسبرانتو) اضطلع بها المسلم الانكليزي (خالد شلدريك) في لندن عام (1914).
والقرآن الكريم الذي يعد المرجع الأول للدين الإسلامي يشتمل على ما يتعلق بالأخلاق والمعاملات والعبادات (انظر كتبنا المعاني الأخلاقية والاجتماعية في القرآن الكريم، والمعاني النفسية في القرآن الكريم ضمن كتابنا- دراسات في علم النفس وكتابنا المعاني الاقتصادية في القرآن الكريم وكتابنا العبادات والعقائد في القرآن الكريم وهي من ملاحق فلسفتنا العالمية المحفوظة في مكتبة الأسد بدمشق بقسم المخطوطات وفي مركز الوثائق التاريخية بدمشق.)
ويتميز القرآن الكريم بأن أحكامه نزلت متدرجة بحسب المناسبات فنشأ ما يعرف بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، أي إبطال الحكم المستفاد من نصٍّ سابق بنص قرآني لاحق، أو بتقييد نص سابق عام كما حصل في موضوع إبطال الخمر الذي حصل على ثلاث مراحل في آيات كريمات ثلاث. وهو واضح عند مقارنة السور المدنية بالمكية المتأخرة. أما من حيث أسلوب القرآن الكريم فهو كلام الله العلي القدير الذي يسمو فوق كل كلام إنساني بشري، مما كان له أثره في نفوس العرب وغير العرب حتى استحالت محاكاته والنسج على منواله.
ولكل سورة من سور القرآن الكريم اسم تعرف به بعضها استخلص من مطلع السورة مثل سورة طه أو من اسم ذكر بين آياتها كسورة النساء، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يملي ما أوحي إليه عن طريق جبريل عليه السلام إلى كتّاب الوحي المنزل الذين بلغ عددهم (26) كاتباً يدوّنون القرآن الكريم كما سبق وذكرنا.